بشراكة مع هيئة المحامين بمراكش، نظمت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية دورة تكوينية لفائدة الطلبة والموظفين المقبلين على اجتياز مباراة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة .
وضمن فعاليات الجلسة الافتتاحية ، ألقى الأستاذ النقيب مولاي عبد الطيف احتيتيش ممثلا السيد النقيب الكلمة الآتية :
كلمة السيد النقيب
باسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
المحترمون السادة النقباء الأفاضل
المحترم السيد عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش
المحترمون الزميلات والزملاء
المحترم السيد رئيس الجلسة
الحضور الكريم
يسعدني أن أشارككم هذه الدورة التكوينية والعرس العلمي الذي بادرت إلى تنظيمه والدعوة إليه كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش بشراكة مع هيئة المحامين بمراكش، استعدادا لامتحان الأهلية لممارسة مهنة المحاماة . أحيـي جمعكم المبارك هذا.
ظهرت مهنة المحاماة أول الأمر في أثينا باليونان التي شكلت مدرسة المحاماة الأولى، ثم انتقلت إلى روما ومختلف الحضارات الإنسانية، وبقيت في تطور مستمر مع تطور فن الخطابة والفصاحة دفاعا عن الحق والمظلومين، وصارت بعد ذلك مهنة عالمية وكونية. وعبر هذا التاريخ المديد والـمَجِيد، ارتبطت بالخطابة والفصاحة، وظلت تُطوِّر قواعدها وقوانينها وأعرافها وتقاليدها، حتى شكلت أُمنية ومُبتَغى الكثير من القادة السياسييـن والملوك، منذ لويس الرابع عشر إلى المرحوم الملك الحسن الثاني. ويتذكر الجميع تلك العبارة الشهيرة:” لو لم أكن ملكا، لَوَدِدتُ أن أكون محاميا”.
وتفيد هذه العبارة، ضمن أشياء أخرى، أن في مهنة المحاماة ما يُغري ويُغوي. نعم أيها السادة، كل شيء مرتبط بجلالها وقدسيتها ورسالتها السامية واستقلاليتها.
يتجسد ذلك في مهمتها النبيلة المتمثلة في رفع الظلم وإحقاق الحق، وفي سعيه لذلك يراعي المحامي جملة من الضوابط، لعل أهمها: احترام القضاء، التزام نصوص القانون وأحكامه.
وعلاوة على ذلك، يجب على المحامي العمل وفق مبادئ المهنة وأخلاقياتها وتقاليدها وأعرافها، ابتداء من التسجيل في جدول هيئة المحامين الممارسين وأداء اليمين، وصولا إلى ضرورة احترام كل المتدخلين في قطاع العدالة في كل شرط ومناسبة، مرورا بعدم قبول قضية يعلم مسبقا بطلان الحق فيها وتجنب الإدلاء ببيانات كاذبة والامتناع عن تحصيل مبالغ من موكليه خارج أتعابه المستحقة وعدم التعاقد مع موكليه على أتعاب أساسها نتيجة الدعوى.
ومن المقتضيات الضرورية لمزاولة المهنة التوفر على مكتب لائق، والالتزام بمبادئ الاستقامة والنزاهة، والدفاع عن الموكل بكل أمانة وإخلاص، وعدم قبول دعوى ضد زميل أو مجلس الهيئة قبل الإذن له من قبل النقيب ، والظهور أمام المحاكم بالبذلة الخاصة.
تنفتح فرص العمل العام والخاص أمام المحامي في دولة الحق والقانون، ومع اتساع رقعة الحقوق الديمقراطية، يتعزز دور المحامي ووظيفته وتتسع أمامه فرص العمل الجاد والمستمر. فلكل إنسان الحق في اختيار المحامي الذي يراه مناسبا كي يحمل عنه عبء الدفاع عن قضيته ويرى أنه الأقدر على إيصال وجهة نظره المجردة المدعمة بالأسانيد القانونية إلى جهات القضاء المختلفة.
ولا ينحصر دور المحامي في الدفاع عن قضايا الآخرين فحسب، بل يجب أن يدافع بالدرجة الأولى والأحرى عن مهنته وأن ينخرط بفاعلية في القضايا الإنسانية والثقافية والوطنية والسياسية والاجتماعية كذلك. إذ للمحامي علاقة ضمن جملة العلاقات الاجتماعية والإنسانية، ومن تم، يجب أن يكون له حضور في المناسبات الاجتماعية مواسيا ومُهنئًا ومجيدا للعمل السياسي والحزبي ومثقفا يحسن الكلام والحِجَاجَ والبرهنة، والجوهري أن يكون إنسانيا، لأن المحامي في نهاية المطاف مثقف إنساني بالمعنى العميق للعبارة.
وقد تعلمنا من أساتذتنا الأجلاء ومن زملائنا النقباء السابقين أن المحامي وطني صادق كذلك، يستميت في الدفاع عن وطنه و عن السيادة الوطنية وعن السيادة الوطنية، كما يدافع عن معتقلي الرأي، ويسهر على تطبيق القوانين ومناهضة انتهاكها من قِبَل أي كان. وبهذا المعنى، فالمحامي مثقف إنساني وطنـي يدافع عن الحق الفردي والجماعي.
ودون الدخول في التفاصيل، وهي كثيرة دوما، نقول إن ما يميز مهنة المحاماة عن غيرها هو استقلالية المحامي والهيئة التي يمارس فيها، وأداؤه لواجبه بكيفية تراعي الأمانة والحفاظ على السر المهني، والامتناع عن صراع المصالح، والكفاءة والشرف والنزاهة والاستقامة والهِمَّة والعناية والزَّمالَةُ والأُخُوَّةُ والحقُّ في أتعابَ عادلةٍ ومُستَحَقَّةٍ والمساهمةُ في التدبير الجيد للعدالة وفي احترام دولة الحق والقانون.
وخلال مزاولة المحامي لمهنته النبيلة يتقيد بالقسم المهني الذي يؤديه مباشرة بعد اجتيازه لامتحان الأهلية وقبول تسجيله بإحدى الهيئات لتبتدئ مرحلة أخرى لا تقل أهمية في تكوينه وهي مرحلة التمرين ، وغني عن البيان أن هذه المرحلة مفصلية في تحديد مستقبل المحامي المتمرن إذ عليه التقيد بمجموعة من الضوابط سواء في حياته الخاصة أم في علاقاته بهياكل المهنة وجميع المتدخلين في قطاع العدالة بل ومع محيطه الخارجي وهي الضوابط التي ستعرفونها إن شاء الله فور نجاحكم في امتحان الأهلية .
تِلكُم بإجمال المبادئ الأساسية والكونية لمهنة نعتز بالانتساب لرجالاتها. وقد عرضناها باختصار شديد على أنظاركم التي لنا اليقين في أنها متسامحة.
أشكركم على حسن الإصغاء. والسلام عليكم.
النقيب
الأستاذ مولاي سليمان العمراني
هذا وقد تم تتويج هذه الدورة التكوينية بالتوقيع على اتفاقية شراكة وتعاون بين هيئة المحامين بمراكش وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش كذلك ، هذا نصها :