الرئيسية » أنشطة الهيئة » لقاء دراسي حول موضوع : “المحامي وتحرير العقود “

لقاء دراسي حول موضوع : “المحامي وتحرير العقود “

نظمت هيئة المحامين بمراكش وفضاء المحامي للثقافة والإبداع في رحاب القاعة الكبرى لنادي المحامين بمراكش لقاءا دراسيا موضوعه :

“المحامي وتحرير العقود “

وفي افتتاح هذا اللقاء ألقى السيد النقيب مولاي عبد اللطيف احتيتيش ممثلا السيد النقيب مولاي سليمان العمراني الكلمة الآتية :

 

كلمة السيد النقيب

 

باسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

المحترمون السادة النقباء الأفاضل

المحترمون الزميلات والزملاء

الحضور الكريم

فبعد التحية ، يشرفنا في هيئة المحامين بمراكش أن ننخرط مجددا في مناقشة موضوع من المواضيع القانونية الذي يكتسي أهمية بالغة لارتباطه بمجال عمل المحامي – المحامي وتحرير العقود – .

ولم يكن اختيارنا لهذا الموضوع اعتباطا بل إشارة ذات دلالة عميقة لما نصبو إلى توضيحه وإبرازه وتعميمه بين زملائنا .

 

فالتكوين العميق لا يتأتى إلا بالتواصل الدائم مع المصادر والمراجع والمواكبة المتواصلة للقاءات العلمية والندوات ، إذ التكوين حصانة أساسية للمحامي من الانزلاق والانحراف ، كما أنه حماية أساسية لحقوق المواطنين من الضياع ، وسياج صلب لتحقيق العدالة .

ولا مجال للريب أن هذه الفترة قد كرست نمطا جديدا في إدارة الندوات العلمية مناطه الإسهام الثقافي الملتزم والعميق وهو ما يؤكده التراكم العلمي والنوعي لهيئتنا العتيدة الذي ما فتئ ينكب على موضوعات راهنة ومستجدة بهاجس مواكبة الزمن الذي نعيش فيه ، وبهدف الإنصات العلمي الرصين لمجرياته وتحولاته وانعطافاته .

وإذ نلتئم ضمن هذه الندوة العلمية المباركة ، فلكي نتدارس ونتبادل الرأي والأفكار بصدد موضوع شائك ذلك أن صدور القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية وما جاء به من مستجدات فيما يرتبط بتوثيق التصرفات العقارية شكل خطوة هامة لتجاوز عيوب العقود العرفية السيئة الصياغة والرديئة المضمون .

وقد حاول المشرع المغربي إصلاح نظام التوثيق في مجال المعاملات العقارية من خلال المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية وذلك تحقيقا للأمن القانوني والقضائي والتوثيقي من خلال إسناد مهمة توثيق التصرفات العقارية إلى أشخاص محددين لهم كفاءة ودراية بالمجال القانوني ومعرفة بمختلف الأنظمة القانونية والعقارية ومن بينهم المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض .

إلا أن التجربة العملية ، والتي هي على كل حال قصيرة في الزمن ، أبانت عن بروز مجموعة من الإشكالات والتي يكتسي البعض منها خطورة على المحامي محرر تلك العقود وعلى مهنة المحاماة كرسالة سامية ونبيلة.

فعلى الرغم من أن مهام المحامي تقتصر على التلقي وليس على التتبع كما هو الحال بالنسبة للموثق الذي يلتزم إضافة إلى ذلك بواجب تبصير الأطراف وبضمان فعالية العقد ، فإن الواقع العلمي أفرز ممارسات بعيدة كل البعد عن نبل المحاماة واستقلاليتها وسموها من قبيل إبرام العقد من غير مطالبة المحامي للأطراف بأصل التملك ، وكذا تحرير بعض الزملاء لعقود في بعض المناطق التي يحظر فيها إبرام مثل هكذا عقود كما هو بالنسبة لضم الأراضي في خرق سافر لمقتضيات المادة 4 من ظهير 1962 الخاص بأراضي الضم .

ينضاف إلى ذلك إبرام عقود دون التأكد من حصول الأطراف على إبراءات ضريبية وهو ما يفتح على المحامي إمكانية إلزامه بالتضامن المقرر في مدونة تحصيل الديون العمومية ناهيك عن العقوبات الزجرية التي بإمكانها أن تنال من رفعة واستقلالية المهنة أكثر من مساسها بحرية المحامي وسلامته .

زد على ذلك أن سكوت المشرع في بعض المسائل التي تهم مثلا إمكانية نيابة المحامي في نزاع تضمن عقدا قام بتحريره جعل الأمر أكثر تعقيدا بل والأدهى والأنكى من ذلك أن هذا الاختصاص الجديد من شأنه أن يفتح على المحامين أبواب جهنم حال المخالفة الزجرية والتي يمكن أن تحال على الجنايات وفق ما قرره المشرع الجنائي في التعديل الأخير .

إن التفاعل الايجابي مع اختصاص المحامي بتحرير العقود يفرض علينا التحسيس بأهميته وخطورته في نفس الآن وهو ما يوجب علينا فرض تكوين خاص بهذا المجال باعتباره صنعة تختلف تماما عن المجال الأصيل لمهنة المحاماة .

 

فالمحامي يستضمر زبدة العقل القانوني ويستثمرها وفق رؤية متميزة تستلهم روح المحاماة ولا تنغلق في ركن واحد كما أن كتابته لا تكف عن توليد معاني المحاماة النبيلة التي كانت ولا تزال مشوارا للحق وحالة حضارية يتمرأى فيها تطور المجتمع ودرجة رقيه .

أتمنى لأشغال هذه الندوة التوفيق والسداد .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

النقيب               

الأستــــــــــــــاذ مولاي سليمـــــــــان العمرانـــــــــي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *