بادر المركز المغربي لتسوية النزاعات إلى تنظيم ندوة علمية بصدد:
“دور الوساطة في تجويد القضاء بالمغرب ”
وقد أطر أشغال هذه الندوة خبراء محليون ودوليون وفاعلون في المجال .
وضمن أشغال هذه الندوة التي انطلقت ابتداء من الساعة الرابعة والنصف مساء بفندق موكادور بلاص بمراكش ، حضر الأستاذ خالد الفتاوي–عضو مجلس الهيئة- ممثلا السيد النقيب وألقى الكلمة الآتية :
كلمة السيد النقيب
إنه لمن دواعي سروري أن أشارككم أشغال هذه الندوة العلمية الهامة المتعلقة بدور الوساطة في تجويد القضاء بالمغرب ، وأهنئكم على حسن اختياركم لهذا الموضوع الذي بات يحتل صدارة الاهتمام في الحقل القانوني حاليا .
وما يكتسي أهمية رمزية بالغة لقاؤنا في هذه المدينة الجميلة والشامخة التي شكلت وما تزال نقطة جذب بشري واستمرت مصهرا تتلاقح فيه الثقافات لتنتج ذاكرة مشتركة تحفظ كل شيء وتصونه وتمثل مشتلا ينمو فيه ويكبر العديد من العلماء ورجال العدل .
فلا مجال للريب أن قضاءنا يعاني من مشاكل متعددة ومتشابكة ، ولعل أبرزها إرهاق كاهل العاملين به بسبب تضخم عدد القضايا المعروضة على المحاكم الوطنية واستفحال ظاهرة التعويل على التظلم القضائي لحل المنازعات الطارئة .
ومن هذا المنطلق فإن العديد من الأنظمة القانونية المعاصرة أصبحت تدرك الفائدة المادية التي يمكن أن يجنيها كافة الأطراف بفضل اختيارهم لإحدى الطرق البديلة لحل المنازعات .
فمراحل أي دعوى قضائية قد تطول قبل إصدار الحكم النهائي ، كما أن تنفيذ هذا الحكم قد يتطلب اجراءات معقدة ووسائل استثنائية، مع كل ما يفترضه ذلك من إهدار للوقت والجهد والمال ، مما يجعل رابح الدعوى يمتعض من حصيلة ما كبدته في نهاية المطاف إن ماديا أو معنويا ، فمن منطق التفكير حسب ميزان الربح أو الخسارة ، تصح المقولة الفرنسية الشائعة التي تعتبر أن ” تسوية سيئة أفضل بكثير من محاكمة جيدة ” un mauvais arrangement vaut mieux qu’on bon procès ”
وقد خلص إلى ذلك مجلس الدولة في فرنسا ، وإلى أمد طويل بتأكيده أن الحل القضائي لبعض القضايا يؤدي أحيانا إلى قرارات صادمة على المستوى الانساني ومنافية لروح الإنصاف ، وبالتالي وجب الترحيب بكل مبادرة تستهدف حوارا مباشرا ، وتؤدي إذا أمكن ذلك إلى حل وسط أو اتفاق بين الأطراف .
وبذلك فإن التطلع الكوني لتحقيق مثال العدالة يستلزم تنسيب التمييز بين الأساليب أو المؤسسات العمومية أو الخاصة لتسوية المنازعات .
ففكرة العدالة تستحضر دوما سعيا دؤوبا لاستكشاف ما هو منصف وعقلاني، وبالتالي فالغاية التي نتوخاها هي الأهم وليست الوسائل المعتمدة والحال أنه يمكن التعايش فيما بينها نظريا وعمليا بحكم تماثلها الوظيفي .
وتوائم الإشارة هنا أن تحقيق العدالة يتنافى مع كل وثوقية عمياء تتوهم امتلاك الحقيقة المطلقة وتتناغم مع كل نفس يروم تكريس الحداثة القانونية التي نطمح إلى تجسيدها بفضل الانفتاح على نور مهنة المحاماة التي ينبغي أن يكون لها دور محوري في الوسائل البديلة لتسوية المنازعات يوازي دورها الطبيعي باعتبارها أحد جناحي العدالة .
وإذ نتوج هذه الدينامية والسيرورة العلمية بحضور ثلة من صناع الفكر القانوني والحقوقي فلنا اليقين التام أن مخرجات وخلاصات هذه الندوة الغنية والقيمة ستمثل رافدا مهما للمجهودات التي تبذل حاليا للأخذ بالوساطة كطريق من الطرق البديلة لتسوية المنازعات .
أهنئكم مرة أخرى على عقد هذا اللقاء القانوني والحقوقي الهام وأتمنى لأشغال هذه الندوة التوفيق والسداد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
النقيب
الأستــــــــــــــاذ مولاي سليمـــــــــان العمرانـــــــــي