نظمت هيئة المحامين بمراكش بتاريخ 22 فبراير 2019 يوم دراسي في موضوع : ” من أجل نظام جبائي يراعي خصوصية مهنة المحاماة ” ،
ندرج فيما يلي كلمة السيد النقيب في افتتاحه ، ثم بيان التوصيات الصادرة عن هذا اليوم الدراسي .
إنه لمن دواعي سروري أن أحضر بصفتي نقيبا لهيئة المحامين بمراكش لهذا اليوم الدراسي حول موضوع :
” من أجل نظام جبائي يراعي خصوصية مهنة المحاماة “
هذا المحفل العلمي المليء بالكثير من الدلالات الرمزية التي لا تخطئ الإشارة على القدرة على التواصل والتفاعل والتجدد الخصب والمعطاء مع جميع الفاعلين في مجال إلى عهد قريب كان يدخل في زمرة المسكوت عنه سواء للغموض الموسوم به أو التداعيات المترتبة عن إثارته .
والمحامون مهما اختلفت استعداداتهم المهنية وتباينت تصوراتهم وتناءت ولاءاتهم السياسية والايديولوجية باتوا أكثر من أي وقت مضى معنيين بهذا الموضوع لأنهم شكلوا دوما وأبدا نبراسا للمجتمع وطليعة للنهضة والحداثة والتقدم .
فالضريبة بالنسبة للمحامي لا ينبغي أن تؤسس على منطق الإلزام وإنما على منطق الالتزام فإذا كان الأول موسوم بالإجبار والفرض فالثاني يفسح المجال للتراضي والاتفاق بما من شأنه أن يراعي خصوصية المهنة وقيم العدالة الجبائية وما تقدمه هذه المهنة من خدمات جليلة للدولة والوطن والأمة سواء على الصعيد الداخلي والخارجي .
المحاماة رسالة ذات أهداف ومقاصد نبيلة وهي حالة حضارية يتمرأى فيها تطور المجتمع ودرجة رقيه على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
فعلى الصعيد الوطني تشكل مهنة المحاماة موقعا هاما في التشغيل والتكوين والتأهيل للآلاف من الخريجين اللذين من الناحية المبدئية تتحمل مسؤوليتهم الدولة والحال أنها تتقاسم معهم هذا الهم وتتحمل أعباء تكوينهم وتأهيلهم وتربيتهم في وسط ملؤه الأعراف والتقاليد وهي بهذا المعنى تمثل مشتلا ينمو فيه ويكبر المواطن الصالح .
وهي رسالة سامية عريقة يتصاهر فيها الفن والعلم والصناعة فهي رسالة أشرف ما فيها ليس الدفاع عن المظلوم فقط وإنما الدفاع عن الوطن والفكر والعدل لإسعاد الناس وتعميم السلم والاستقرار.
أما على الصعيد الخارجي فالمحاماة منصة من منصات الدفاع عن قضايا الوطن والأمة في المنتديات الدولية وفي مواجهة المؤامرات الخبيثة خاصة قضيتنا الوطنية العليا الصحراء المغربية إذ مَثَّلَ المحامون ولازالوا كابوسا يقض مضاجع المغرضين سواء في التكتلات الاقليمية أو الدولية .
ومن المشهود به أيضا أن هذه الرسالة العتيدة تمثل منبرا من منابر التعريف بوضعية حقوق الانسان ببلادنا والتصدي للتقارير الأجنبية التي تصدر عن بعض الدوائر المعادية لمصالح البلاد وتساهم في تأثيث المشهد الحقوقي والسياسي الديمقراطي ببلادنا .
إذا أمام كل هذه الأدوار وغيرها والتي لا يسع الوقت لتعدادها فإن هذه المهنة توجد في قلب المواطنة الحقة وليست مهنة كباقي المهن فهي ليست مقاولة تجارية ولا وسيلة للاسترزاق تخضع لمنطق الربح أو الخسارة وهي عريقة عرق الوطن وتليدة أسوة بالحق يتناغم في ممارستها إحقاق الحق وأداء الواجب ، وبالتالي فمن الضروري التسليم بخصوصيتها فيما يخص الضريبة .
وإذا كان وزير المالية السابق خلال تقديمه لميزانية 2018 قد وضع سقف النمو في نسبة 3.2 % خلال سنة 2018 ونسبة 4.6 % في سنة 2019 ، وهذا ما دفع وزارة المالية إلى قرار الإعفاء من الزيادات والغرامات تشجيعا للانخراط في أداء الضريبة المترتبة في ذمة الملزمين ، فقد كان لابد من اللجوء إلى اجراءات تكميلية ومنها مخاطبة القطاعات التي لها حس المواطنة –كما المحاماة- بشكل مميز ومختلف و التأسيس لحوار بلغة الشرف، فالمحامون بناة للوطن وحماة للأمة لا يشاء الحق إلا ما يشاؤون ولا يعشق المجد إلا حبر أقلامهم وهتاف ضمائرهم .
أتمنى للقائكم العلمي هذا ، النجاح .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
النقيب
الأستاذ مولاي سليمان العمراني
*بيان بالتوصيات الصادرة عن اليوم الدراسي*
احتضن نادي هيئة المحامين بمراكش يوم الجمعة 22 فبراير 2019 اليوم الدراسي المنظم من طرف هيئة المحامين بمراكش بشراكة مع رابطة المحامين الاستقلاليين و الفريق الاستقلالي للوحدة و التعادلية بالبرلمان تحث شعار ” من أجل نظام جبائي يراعي خصوصية مهنة المحاماة” انطلاقا مما أثاره و يثيره موضوع ضريبة المحامي من إشكالات قانونية و واقعية، و لما أثارته المقترحات الأحادية الجانب من طرف الإدارة من استنكار و غضب شديد من لدى عموم المحامين.
و من تم ارتأت الهيئات المنظمة في إطار همها و اهتمامها البالغ بالموضوع ، عقد هذا اليوم الدراسي لمعالجة إشكالية النظام الجبائي للمحامين يروم تقديم صورة مفصلة عن طبيعة عمل المحامي و إكراهات أدائه لعمله الذي يعتبر عملا اجتماعيا هدفه الأول و الأخير المساهمة في تحقيق العدالة، التي هي أساس الاستقرار و الأمان، و يتنافي هذا العمل مع الطابع التجاري بصريح المادة 7 من القانون المنظم لمهنة المحاماة.
و قد اقتضى الأمر معالجة الموضوع من خلال محورين أساسيين:
- المحور الأول: تشخيص الوضع الجبائي للمحامي و أفق تحقيق العدالة الضربية.
- المحور الثاني: العمل التشريعي مدخل أساسي لإصلاح النظام الجبائي الخاص بمهنة المحاماة.
انطلقت أشغال هذا اليوم بالجلسة الافتتاحية التي ترأسها السيد النقيب مولاي سليمان العمراني و قد تمحورت حول تشخيص الوضع الجبائي للمحامي في أفق تحقيق العدالة الضربية، وقد تلخصت كلمة النقيب في الترحيب بالضيوف الكرام من مكناس و أكادير وآسفي نقباء وأعضاء مجالس ومحاميات ومحامون ومسؤولون قضائيون وغيرهم مشيرا إلى أن المحامين باختلاف انتماءاتهم السياسية و الفكرية فهم مطالبون اليوم بتوحيد الصف لما يكتسبه موضوع الجباية الضريبية من أهمية بالغة، مؤكدا على أن المحاماة رسالة اجتماعية إنسانية متمثلة في تأطير المواطن، و الدفاع عن القضايا الوطنية داخليا و خارجيا، مستخلصا إلى أن هذه المهنة توجد في قلب المواطنة، و بالتالي فإن خصوصية عملها يقتضي إنصافا للحق و الحقيقة مراعاة هذا الدور في مجال التضريب.
على إثر ذلك تناول منسق رابطة المحامين الاستقلاليين بمراكش ذ/محسن سعيد مرحبا بالحضور و مشيرا إلى أهمية هذا اليوم الدراسي لما أثار ة الاقتراح الأحادي الجانب للإدارة الضريبية من تشنجات داخل صف المحامين على الصعيد الوطني، مؤكدا أنه في الوقت يلتزم فيه المحامون بأداء ما عليهم من ضرائب فإنهم يسعون إلى معالجة خاصة للملف الضريبي للمحامي مراعاة لخصوصية المهنة.
وجاءت كلمة الفريق الاستقلالي للوحدة و التعادلية بمجلس النواب التي ألقاها النقيب عبد الواحد الأنصاري مشيرا إلى أن هذا الموضوع يحظى باهتمام خاص من طرف الحزب و الرابطة و فريقي البرلمان، كما أن حزب الاستقلال سبق له أن تقدم بتعديلات تخص الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة موضحا أن سنة 2018 عرفت مخاضا مهنيا بشأن المصالحة الضريبية عرف نقاشا حادا بين مكونات المهنة، كما أن الوضع الجبائي الذي يتعامل معه اليوم لا يتلاءم وخصوصية مهنة المحاماة، مطالبا بوضع نظام خاص يتلاءم مع طبيعة مهنة المحاماة، مطالبا السادة النقباء الانكباب على دراسة هذا الموضوع داعيا إلى إرساء جسور التواصل بين المحامين المغاربة و الدول المغاربية، وذلك تصديا إلى كل ما من شأنه المس بحقوق الدفاع.
كما تناول الكلمة نيابة عن الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين السيد عبد اللطيف أبدوح مشيرا إلى ضرورة اعتماد مخرجات هذا اليوم الدراسي في مناقشة موضوع الضرائب التي يتعين ربطه بالقانون المنظم لمهنة المحاماة حتى يأتي تقديم تعديلات تصون حقوق و مصالح مهنة المحاماة معربا في النهاية عن مساندة الفريق الاستقلالي للملف الضريبي للمحامين.
و في التفاتة متميزة من طرف المنظمين تم تكريم الأساتذة النقباء :
-النقيب محمد الأديب من هيئة المحامين بمراكش الذي سلم له درع التكريم من طرف النقيب مولاي سليمان العمراني .
-النقيب محمد بلهاشمي التسولي من هيئة المحامين بمراكش تسلم درع التكريم بالنيابة عنه الأستاذ النقيب إبراهيم صادوق من يد الأستاذة بشرى العاصمي عضوة مجلس هيئة المحامين بمراكش.
-النقيب محمد عبد الواحد الأنصاري من هيئة المحامين بمكناس الذي تسلم درع التكريم من النقيب إبراهيم صادوق الذي ألقى بهذه المناسبة كلمة في حق الزميل النقيب محمد عبد الواحد الأنصاري.
وبعد الكلمات الافتتاحية وحفل التكريم تم الانتقال للجلسة العلمية الأولى التي كانت بعنوان:
** تشخيص الوضع الجبائي الحالي للمحامي في أفق تحقيق العدالة الضربية بتأطير السيد النقيب مولاي سليمان العمراني رئيسا و ذ/ محمد العجيد مقررا.
وقد تمحورت المداخلة الأولى حول : خصوصية النظام الجبائي و المحاسباتي للمحامي قدمها السيد محمد بوسالم ، إذ أشار فيها إلى أن سنة 2018 عرفت مصالحات ضريبة مع مختلف القطاعات من ضمنها المحاماة، و ظلت مطالبة كل القطاعات بعدالة جنائية مع تبسيط الإجراءات المسطرية، ملاحظا أن المدونة العامة للضرائب تطرقت للمحامي كشخص طبيعي، مؤكدا أنه يتعين الرجوع إلى اتفاقية 1996 قصد الإستفادة منها في الإصلاح الضريبي للمحاماة لبلورة تصور مبسط لنظام محاسباتي ملائم لمهنة المحاماة.
وركزت المداخلة الثانية: المسطرة التواجهية في القضايا الضريبية المعدة من طرف الأستاذ مصطفى النوري مستشارا سابقا بمحكمة النقض ومحاميا بهيئة المحامين بمراكش، على كون المشرع المغربي اعتمد أساسا الإقرار الضريبي تحقيقا للعدالة الجنائية، موضحا المقصود بالوعاء الضريبي الذي على أساسه تفرض الضريبة بمختلف أنواعها، من الضريبة على الشركات و الضريبة على الدخل و الضريبة على القيمة المضافة، مشيرا إلى أن المحامي مستثنى من نظام المقاول الذاتي فيما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة موضحا أهم الإجراءات المتعلقة بمسطرة الإقرار التصحيحي وبطلانها كذلك محيلا على المادة 210 من المدونة العامة للضرائب.
وكانت المداخلة الثالثة بعنوان: توجيهات القضاء الإداري بخصوص إبطال مسطرة الفرض الضريبي التي ألقاها ذ/ محمد رافع، بصفته قاضيا بالمحكمة الادارية بمراكش و رئيسا للمكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب.
و بعد ذلك انتقل المتناظرون إلى الجلسة الثانية أطرتها ذة/بشرى العاصمي رئيسة و ذ/ بوسكسو عبد الكريم مقررا.
وقد شملت مداخلات تفاعلية مع موضوع اليوم الدراسي لأعضاء الفريق الاستقلالي للوحدة و التعادلية ممثلا من طرف السادة: ذ/ سعيدة أيت بوعلي و السيد عبد اللطيف ابدوح و ذ/ محمد ادموسى و ذ/ النقيب عبد الواحد الأنصاري في أفق المساهمة في وضع مقترحات تعديلية للقوانين الضريبية و مساءلة الحكومة، ومناقشة آليات صياغة تعديل القوانين مع أعضاء الفريق الاستقلالي، تلا ذلك مناقشة عامة حاورت المتدخلين حول أغلب القضايا الواردة في المداخلات المقدمة في اليوم الدراسي.
و قد انبثقت عن اليوم الدراسي التوصيات التالية:
- -إعفاء المحامين من الضريبة على القيمة المضافة والضريبة المهنية، انسجاما مع نوعية العمل الاجتماعي والإنساني الذي يقوم به المحامي.
- -الدعوة إلى تعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة (08.28 و08.29) بما يسمح بإضافة باب يتعلق بالنظام الجبائي للمحامي أسوة بمجموعة من التشريعات المقارنة.
- -دعوة الإدارة العامة للضرائب لإعادة النظر في مقترح تسوية الوضعية الجبائية للمحامي بعيدا عن المقترح الأحادي الجانب الذي تجنب تمثيلية الإطارات المهنية وفق القانون المنظم لمهنة المحاماة.
- إعفاء المحامين الغير متوفرين على التعريف الضريبي عن السنوات السابقة، وصولا إلى تسوية شاملة لوضعيتهم الضريبية.
- -رفع مدة الإعفاء من الضريبة المهنية من 5 إلى 15 سنة انسجاما مع القانون المنظم لمهنة المحاماة ” المادة 33″ .
- -رفع المنع الغير المبرر لإمكانية استفادة المحامي من النظام الجبائي للمقاول الذاتي (المادة 42 مكرر من المدونة العامة للضرائب ).
- -الأخذ بعين الاعتبار التجربة المتعلقة بالاتفاقية المبرمة مع إدارة الضرائب سنة 1996 والاستفادة منها .
- -ضرورة الانفتاح على التجارب الأخرى من طرف هيئات المحامين قصد الاستفادة منها .
- -إحداث نظام محاسباتي وجبائي خاص بالمحامي يرتكز على إحداث المساطر سعيا إلى التخفيف من صعوبة الاجراءات واعتماد آليات الشباك الوحيد .
- التفكير في أداء ضريبة واحدة على أسس وقواعد جديدة تراعي خصوصيات المهنة .
- -استغلال المناظرة الوطنية للضرائب التي ستنعقد خلال شهر ماي 2019 لطرح هذه التوصيات وغيرها والدفاع عنها وصولا إلى تحقيق عدالة جبائية .