بادرت الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة على تنظيم المنتدى الثالث للمحامين المغاربة المقيمين بالخارج في ندوة موضوعها :
” مدونة الأسرة على ضوء القانون المقارن والاتفاقيات الدولية “
ألقى الأستاذ النقيب مولاي سليمان العمراني في جلستها الافتتاحية الكلمة الآتية :
كلمة السيد النقيب
باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة و السلام على أشرف المرسلين
المحترم السيد الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج.
المحترم السيـــــــد الرئيس الأول لمحكمـــــــة النقـــــض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية .
المحترم السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة.
المحترم السيد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب.
المحترم السيــــــــد رئيـــــــس جمعية المحامين المغاربــــــــــة و من أصول مغربية الممارسين بالخارج.
السادة النقباء المحترمون .
أيها الحضور الكريم كل باسمه و صفته.
إنه لمن دواعي سروري أن أحضر بين ثلة من المسؤولين و صناع الفكر القانوني في هذا المؤتمر الدولي حول مدونة الأسرة على ضوء القانون المقارن و الاتفاقيات الدولية.
فلا مجال للريب في أن الأسرة هي المؤسسة الأولى التي تحتضن الإنسان وترعاه في مختلف مراحل عمره، و هي منبع معارفه و تربيته و توجهاته في الحياة كما أنها اللبنة الأولى التي يتكون منها صرح المجتمع.
و من المشهود به أن إبرام الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة و بالنظر إلى مبادئ القانون الدولي الخاص المتعلق بالأحوال الشخصية يجعل مدونة الأسرة في الكثير من الأحيان مرجحة في التطبيق على النزاعات ذات الصلة و التي يكون أطرافها مغاربة مقيمين بالخارج مما يجعل القضاء الأجنبي ملزما إلى جانب تطبيق الاتفاقيات المذكورة بأن بتلقي مقتضيات القانون المغربي بنوع من التفاعل اعتبارا لكونها تعكس ثقافة مغايرة لثقافته.
و
تُوائِمُ الإِشارة هنا إلى المبدأ الناظم لتطبيق مقتضيات مدونة الأسرة داخل النظام القانوني الفرنسي على سبيل المثــــــــــــــــــال و المحكـــــوم باتفاقيتـيـــن دوليتيــــن لسنة 1957 و سنة 1981 و الذي استلزم من القضاء الفرنسي تعاطيا جديا سواء من حيث الشروط الشكلية لعقد الزواج و التعاقد بالوكالة و مسألة تمييز الشرط الشكلي عن الشرط الموضوعي على ضوء القانون الدولي الخاص الذي يثير بعض الاشكالات من قبيل، أن إخضاع العقد لقانونين مختلفين الأول يدير شكل العقد و الثاني ينظم مضمونه قد يترتب عنه مساس بمصالح إحدى الدولتين.
يضاف إلى ذلك اعتماد نفس القضاء على الموانع المشتركة في الزواج بين الدولتين و التي بينها عدم وجود زواج سابق لمعالجة مسألة تعدد الزوجات بإبعاد تطبيق القانون الوطني للزوج.
أما بخصوص النظام المالي للزوجين فإن اتفاقية لاهاي في مادتها السادسة قد أعطت الحق لهما في تغيير نظامهما المالي بعد الزواج شريطة تضمين الاتفاق في محرر رسمي و مراعاة الحقوق المكتسبة من قبل الغير حسن النية.
و بشأن السلطة الأبوية و الحضانة و النفقة فقد تضمنت الاتفاقية مقتضيات تهم توزيعها و اقترحت حلولا بالنسبة للزواج المختلط أو الزواج بيـن طرفين من نفس الجنسية ومقيمين بتراب الدولة الأخرى.
و بخصوص الكفالة و التي هي مؤسسة غريبة عن القانون الدولي الخاص الفرنسي فإن القضاء الفرنسي قد دأب أثناء عملية التكييف على دمجها داخل إحدى المؤسسات القانونية المشابهة المعروفة بنظامه القضائي كمؤسسة “التبني البسيط” من خلال ما سبق فإننا معنيون- مسؤولين و باحثين ورجال قانون- إلى المساهمة بل المبادرة إلى تهذيب و تشذيب الأدوات المنهجية و اجْتِرَاحْ الجديد في المفاهيم من أجل تعديل المقتضيات القانونية في مدونة الأسرة التي أبانت التجربة العملية عن قصورها ذلك أن النص القانوني لا يتكون عبر رصف كلمات و إنما هو فضاء متعدد الأبعاد تتمازج فيه التجارب و الاتجاهات وتنحدر من مَنَابِعَ فقهية و قانونية متعددة ، و ذلك لارتباط الأسرة بالنسيج الاجتماعي و النموذج التنموي للبلاد بشكل يجعلها قضية ترقى إلى المستوى الاستراتيجي للدولة، و المحاماة منخرطة في ذلك باعتبارها رسالة كانت و لازالت بوصلة النور الذي يبدد دَيَاجِيرَ الجهل.
وفقكم الله في جمعكم العلمي هذا و أنار الله طريقكم لما فيه خير العلم والمعرفة ، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .